مجالس البوادنه - عرض مشاركة واحدة - سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-2011, 12:59 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام المجالس التثقيفية
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية السفير

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 9
المشاركات: 5,510 [+]
بمعدل : 1.12 يوميا
اخر زياره : 29-12-2018 [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 20

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
السفير غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السفير المنتدى : مجلس الوطن
افتراضي رد: سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود


4- برّه بوالده وبأسرته


كان الأمير عبدالعزيز، بعد أن تولى الإمارة في الرياض، يزور أباه الإمام عبدالرحمن في قصره، صباح كل يوم. ويزوره والده بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع. وعندما يصل الإمام عبدالرحمن ، ينهض الأمير عبدالعزيز من مكانه، فيستقبله، ويقدمه إلى صدر المجلس، ويجلس بين يديه مع الأخوياء (المرافقين)، أو بين الزوار. وكان حين يخاطب أباه، يجعل لنفسه صفة المملوك، ويجلس بين يديه صامتاً، ينتظر ما يأمره به.
ويروي أحد مرافقي الملك، عن تأدبه مع أبيه قائلاً: "أذكر يوماً وقد عدنا من مكة إلى الرياض، في ركاب الملك عبدالعزيز، وكان الإمام عبدالرحمن حياً، فوصلنا إلى بلدة مراة، فبعث يستأذن أباه في دخول الرياض، وعين الوقت الذي يمكن أن يصل فيه إلى الرياض. وفي صباح اليوم التالي مشى حتى بلغ أسوار المدينة قبل الميعاد الذي حدده بخمس وأربعين دقيقة. ولم يشأ أن يدخل المدينة حتى بعث يستأذنه مرة أخرى. وقصد بيت أبيه، فسأل عنه، فقيل له إنه لم يجلس بعد. فجلس في فناء الدار ما يقرب من عشر دقائق. ولما نزل الإمام عبدالرحمن إلى مجلسه، جاء الخادم، وأخبر الملك بإذن والده بالدخول عليه، فدخل، وقبّل رأس أبيه، وجلس على الأرض، ووالده على أريكة، ويده على ركبة أبيه. قال المتحدث: لم يكن عبدالعزيز في ذلك الموقف ملكاً، وإنما كان في مظهر المتأدب المخلص المطيع. شأنه معه في سائر المواقف، طاعة وحباً".
وكان يرجع إلى أبيه، في كل ما يهم من أمور الدولة. وقلما يعقد أمراً ذا بال، إلاّ بعد استشارته واستئذانه. وكلما وردت عليه رسالة، لها أهمية خاصة، أرسلها إلى والده ليطلع عليها، أو ليبدي فيها رأيه.
وعندما أراد عبدالعزيز السفر من الرياض إلى الحجاز، في أواخر سنة 1346هـ/ 1927م، دخل على أبيه يودعه. وكان يخشى أن يكون الوداع الأخير، فكان يقبل يديه ويسأله: هل أنت راض عني؟ فيجيبه الإمام، وهو جلد صبور: "لا شك". فيعود إلى يديه يقبلهما، ويعيد السؤال: والدي هل أنت راضٍ عني؟ فيجيبه: لا شك في ذلك. وما زال يكرر السؤال، ووالده يجيبه من صميم قلبه برضاه؛ حتى شفى نفسه. وكان ذلك آخر لقاء له بأبيه، وصوت رضاه الأبوي يرن في أذنه، حتى هذه الساعة.
اعتاد الملك عبدالعزيز، أن يطلع أباه على كل ما يريد توجيهه إلى حكام العرب، والأجانب، من الرسائل، لمعرفة رأيه، ولإحاطته علماً بما فيها. ولكن أباه كان يردها مع الرسول كما هي.
قال حافظ وهبة: لاحظت ذلك في إحدى زياراتي للإمام عبدالرحمن، فقلت له: إن عبدالعزيز أرسلها إليكم، لترشدوه برأيكم، إذا رأيتم فيها خطأ. فقال: "عبدالعزيز موفق، خالفناه في آرائه كثيراً، ولكن ظهر لنا بعد ذلك أنه هو المصيب، ونحن المخطئون. إن نيته مع ربه طيبة لا يريد إلا الخير للبلاد وأهلها، فالله يوفقه ويأخذ بيده، و إن تنصروا الله ينصركم".
أشار سانت جون فيلبي إلى المرة الأولى التي رأى فيها الأمير عبدالعزيز سنة 1333هـ/1915م، فقال ما خلاصته:
دخلت الرياض، ومعي الكولونيل كانليف أوين، وجندي من الخدمة، وقد ارتدينا الملابس العربية، وكان في استقبالنا إبراهيم بن جميعة، فدخل بنا القصر، إلى غرفة كان فيها شيخ ضئيل الجسم، في نحو السبعين من عمره. سلمنا عليه، ودعانا إلى الجلوس، وجيء بالقهوة، وهو يسأل عن أحوالنا ويلاطفنا.
قال فيلبي: وبينما كنت أقول في نفسي: من هذا؟ وأين ابن سعود؟ إذا بالشيخ ينهض متمهلاً، ويقول: مرحباً بكم، حديثكم مع الابن عبدالعزيز… وما كاد يتوارى، حتى انتصب من زاوية المجلس عملاق أقبل علينا، فعرفناه أنه سيد الجزيرة. وكان منطوياً على نفسه تأدباً، في حضور أبيه، فكأن عيني لم تقع عليه.
قال أحمد حمدي الطاهر صاحب كتاب (الحجاز مهبط الوحي):
"حدثني شيخ كبير من علماء مكة، قال:
لما استقرت الأمور للملك عبدالعزيز في الحجاز، حضر والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود من الرياض، ليؤدي فريضة الحج، فدخل المسجد الحرام يطوف بالبيت العتيق، ومعه ابنه الملك عبدالعزيز. فطاف الوالد والولد. ولكن الأب كان قد جاوز المئة (؟) من العمر، ضعيفاً لا يقوى على المشي والتعب، فأدركه الإعياء فهبط على الأرض بعد ثلاثة أشواط من الطواف. فما كان من ابنه الملك، الذي يمكنه أن يصدر الأوامر إلى خدمه وعبيده بأن يحملوه على أكف الراحة، إلاّ أن حمل والده على مرأى من الناس جميعاً ! وأتم بقية الأشواط.
وكان الملك عبدالعزيز بعد وفاة أبيه، لا يذكر اسمه إلا ترحم عليه، وطلب له الغفران. ولا تكاد تعرض مناسبة، إلا أشاد بما كان لوالده ووالدته من فضل في تربيته وتوجيهه. وكان يكثر من زيارة قبر أبيه، الزيارة الشرعية، حينما يكون في الرياض.
وإلى جانب بر الملك عبدالعزيز بأبيه، كان عظيم البر بأسرته، يسأل يومياً عن الجميع. ومن لم يتيسر له أن يزوره منهم، يحدثه بالهاتف، وله مجالس خاصة بالأسرة، لا يحضرها إلاّ أفرادها.
وكانت تلك المجالس أعظم مسرات الملك الخاصة. فكان يحب أن يحيط به أكبر عدد من أقربائه. وكان يعقد في الساعة السابعة صباحاً في أغلب الأيام مجلساً خاصاً يحضره كبار العائلة وأبناؤه وأقاربه، ويتناقشون في أية مشكلة من مشاكلهم، أو يكتفون بالسلام عليه. وكان يجتمع كل أسبوع بكل رجال أسرته، ويجتمع كل أسبوعين تقريباً بكل نسائها على انفراد. وكن يأتين بحجابهن الشرعي، إلا النساء من محارمه فيأتين بغير حجاب. وكان، غالباً، ما يوصي وكلاءه في بومباي ودمشق بشراء أشياء ثمينة ليهديها إلى أفراد أسرته. وكان شغوفاً بأبنائه الصغار، الذين كانوا يجرون في القصر بحرية تامة، ويزورونه في أي مجلس من دون إذن خاص.


5. أعمال البر والإحسان ومبراته الرسمية والخفية
كان الملك عبدالعزيز ينفق من ماله الخاص، على أصحاب الحاجات، ومن يمرون بضائقة، أو المنقطعين، وأبناء السبيل. ويخصص لذلك أموالاً وأرزاقاً تصرف خفية. وقد تناثرت الأخبار في جريدة أم القرى، عن دعمه للمجاهدين في الشام وفلسطين والحجاج، الذين تحول الظروف المادية دون عودتهم إلى ديارهم. ومن ذلك خبر عن قيام الملك عبدالعزيز بتأمين عودة 200 فرد من الحجاج الأفغان والهنود والبخاريين، نفد ما معهم من مال، ورحلوا بالباخرة على نفقة خزينته الخاصة.
وكان في الميزانية العامة للدولة السعودية، باب خاص بأُعطيات الملك ومبراته، مقسم إلى خمسة أقسام: إعانة المؤسسات الخيرية، وأعطيات ملكية مقررة، وأعطيات ملكية غير مقررة، وبدل كساوي، وصدقات.



أما مبرته الخفية، فيقول عنها الزركلي:


وقع نظري عليها وأنا أقلب صفحات كتاب، طبع حديثاً، قدم لها مصنف الكتاب بما خلاصته أنه كان في سنة 1926، سكرتيراً عاماً لجمعية إعانة المنكوبين في البلاد السورية. سافر مع وفد، إلى الحج لجمع ما يتبرع به حجاج بيت الله الحرام. ثم يقول ما نصه:
في الوقت المعين 13 يونيه 1926م، تشرفنا بزيارة الملك عبدالعزيز آل سعود، ونقلنا لجلالته ما حل بالبلاد السّورية من النكبات، فرد علينا بكلمات ملؤها العطف والتأثر. وحبذ حصر التبرع بجلالته وبالمقيمين في مكة المكرمة من السوريين وغيرهم من المحسنين، من دون الحجاج. ثم قال: أنا رهين رغبتكم في ذلك، وأنا ألبس ما تفصلون. ولو شئت أن أستشير أحداً لما وجدت من هو أفضل منكم. وأنا مستعد لكل ما تريدون . فشكرناه وضاعفنا الثناء على لطفه. وأجبناه: إن الأمر يعود لجلالتكم، وسنكون من الشاكرين، قل ما تجودون به أو كثر. ولما لم يعفنا من أن نقترح، راعينا ظروفه وكانت صعبة، وذلك لأن جلالته لم يضم الحجاز إلاّ منذ سنتين فقط، وكانت النفقات التي يتكبدها في الظرف الحاضر غير قليلة. فوفود المؤتمر الإسلامي المنعقد في مكة ضيوف على جلالته، ومثلهم الصحفيون العديدون، الذين وفدوا لحضور المؤتمر، وأهله وذووه الذين قدموا إلى مكة، لأداء فريضة الحج، يبلغون مع أسر ابن رشيد وابن عائض، الذين كان قد ضم بلادهم، يبلغون ألفي نسمة، حتى إن الإبل التي كانت تنقل النساء تزيد على الأربعمائة، وكل ذلك على حساب جلالته. ولهذا رأينا ألا نثقل عليه بأكثر من ألف ليرة عثمانية ذهباً، ولكن كم أكبرنا روح جلالته عندما قال: طيب! هذا باسمي وأما باسم نجد؟ فسررنا لهذا العطف بمثل هذا اللطف وأجبناه: وكذلك نجد. فقال: الحقيقة إن هذا قليل، وهذا قليل. فليكن المبلغ ألفين وألفين. ولو كان الظرف مساعداً لما اكتفيت بذلك. ثم أردف يقول: وعلى كل حال، من المستحسن أن يشار إلى أن هذا المبلغ جمع من المحسنين على يد الشيخ عبدالله الفضل ـ وكان حاضراً ـ وأمره بدفع المبلغ.
هذه نتف من أخباره في الكرم، شهدت بعضها. أما عطاياه للوافدين عليه، ولبعض خاصته في المناسبات، فلو كان من المفيد جمعها لجاءت أخبارها في كتاب. وناهيك بما كان يكرم به زعماء القبائل وشيوخها، من مال ومبرة وأكسية، لهم ولأفراد قبائلهم. وما من أحد منهم دخل قصر عبدالعزيز، أو أدى له خدمة، أو أكل على مائدته، إلا انتظر (الشرهة) وهي ( العطية) في لغة البادية .


6. شجاعته ومعاركه
لم يخلد عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى الدعة والسكينة منذ أن أصبح قادراً على تقلد الحسـام وامتطاء الجواد. فقد أمضى ثلاثين عاماً يخوض المعارك، في أرجاء نجد كلها، حتى أصبح محارباً وقائداً، لا يجاريه أحد في معارك الصحراء. ونفخت فيه تلك المعارك روحاً من الجرأة والشجاعة والإقدام، وصهرته أهوال القتال.
كانت الشجاعة أبرز صفات الملك عبدالعزيز. فقد اشتهر بالجرأة والبسالة في الحروب، وكان دائماً في طليعة جيشه. وتروى قصص كثيرة عن شجاعته. ويتحدث الناس عن شجاعته في تحمل آلام الجراح، التي حدثت له في معاركه. فذات مرة تحمل جرحاً خطيراً في معدته، طوال مدة الحملة التي استمرت ستة شهور، قبل أن يُعالج علاجاً طبياً وافياً.
ويُروى عنه قوله: "لو كانت الحروب العربية كالحروب، التي نسمع عنها في البلاد الأجنبية، ملوكها وقادتها يرتبون خطة الحرب،وهم جلوس في منازلهم، والناس ينفذون أوامرهم، لهانت الحرب. ولكني في حروبي على خلاف ذلك، لقد كنت في أكثر المعارك في طليعة القوة المهاجمة. وبهذا كنت أرى استبسال من معي في القتال غير بسالتهم لو كنت وراءهم".
و لم تكن شجاعة الملك عبدالعزيز اندفاعاً أو تهوراً، يعميه عن الأخطار المحيطة به، بل كانت لديه، بجانب الشجاعة، صلابة هادئة، لرجل يدرك بوضوح الخطر المحدق في خضم الحدث، فيواجهه مواجهة صحيحة. فشجاعته مبصرة وليست عمياء. ولعله في موقفه هذا ما يذكِّر بقول المتنبي:


الرأي قبل شجاعة الشجعان *** هو أول وهي المحل الثاني


ولم يفتخر ابن سعود يوماً من الأيام ببطولته، بل لم يكن يرى في نفسه أنه بطل من الأبطال. يقول الزركلي: قال (الملك) لي مرة: "إن ما وهبني الله لم يكن بسبب قوتي، بل بسبب ضعفي، وحاجتي إلى قوته سبحانه". وكان شعوره بذلك هو الذي حثه على ما تحلى به من شجاعة وإقدام. ولم يكن يشعر أنه أشجع من الآخرين. لكن الله منحه موهبة خاصة؛ إذ كانت ردود فعله في الأوقات الحرجة، من السرعة والذكاء بحيث تمكنه من التصرف بطريقة أفضل من غيره. وكان يؤمن أن الله قد أنعم عليه بحظ عظيم. ويقال أن سعود بن عبدالعزيز بن سعود، ابن عم الملك وزوج شقيقته، الذي كان معارضاً له، افتخر ذات مرة، في لحظة من لحظات غضبه، بأنه أشجع كثيراً من الملك. وحين بلغ الملك ذلك لم ينزعج، وإنما ابتسم ابتسامة عريضة وقال: "إن ما ذكره سعود صحيح. فهو أشجع مني، لكني أعظم حظاً منه". وقال مرة: "إن أنعم الله على أولادي بحظ، مثل الذي أنعم به عليّ، فسيكونون قادرين على حكم العالم العربي كله".
قاتل قبيلة العجمان، وقتلوا أخاه سعداً، وجرح هو في تلك الوقعة، وفي غيرها حتى صارت الندوب في جسمه دلالة واضحة على شجاعته. ولم يكن يخشى اغتياله، حتى أنه كان يطوف في الحرم من دون حراسة مشددة، فتعرض لاعتداء من بعض اليمينيين، كما سيأتي.
وكان يتندر بالمواقف، التي اضطر فيها للنجاة بنفسه، فقد رُوي عنه أنه كان مع اثنين من أصحابه، أحدهما فيصل الدويش، وخرجت عليهم الخيل، فهلع قلبه، ولكنه تجلد مخافة العار. وعندما رأى صاحبيه قد لويا عنان فرسيهما، تبعهما (منحاشاً) أي فاراً، مبتعداً. ويقول: لو فررت قبلهما لفضحاني بين العرب.












توقيع :

سبحان الله

عرض البوم صور السفير   رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61