عاشق التميز
16-06-2012, 04:22 PM
وصايا وتنبيهات لِحُفَّاظ كتاب الله
الحمد لله رب العالمين، حمداً حمداً، وأشكره على نعمه سراً وجهراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن من أعظم ما يشرف الله تعالى به أحداً من خلقه أن يحليه حلة القرآن الكريم، وأن يهديه إلى حفظه، ويجعله ممن يحقق الله بهم حفظ هذا الكتاب العظيم، وهو القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: 9]. فكما أنه وعد بحفظه عز وجل، فقد كان حافظ القرآن من وسائل الحفظ، فيكون محفوظاً بحفظ الله تعالى لما في صدره من القرآن.
اعلم -يا حافظ القرآن- أنك ممن حملت العلم في جنبات صدرك وكنت من أهل العلم الذين قال الله عنهم: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}[العنكبوت: 49]. فقد شهد الله لك أنك من أهل العلم، فاحفظه، وحافظ عليه تكن من أهل حفظه ومن أهل الله وخاصته، كما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى أهلين من الناس)) قيل: يا رسول الله: ومن هم؟ قال: ((أهل القرآن، أهل الله وخاصته))1.
يا حافظ القرآن! غمرت قلبك بكتاب الله تعالى، واستقيت من ينابيعه الصافية، وارتويت من فراته النقي، وشبعت من ثماره اليانعة، فلا تستبدل ينابيعه الصافية بينابيع كَدِرَة، ولا بثماره الطيبة ثماراً حنظلية.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر!))2.
قال الشيخ المنجد -حفظه الله-: قوله ((طعمها طيب، وريحها طيب))، خص صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالرائحة؛ لأن الطعم أثبت وأدوم من الرائحة، والحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع بين طيب الطعم والريح: أنه يتداوى بقشرها، ويستخرج من حبها دهن له منافع، وقيل: إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج، فناسب أن يُمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين، وغلاف حبِّه أبيض، فيناسب قلب المؤمن، وفيها أيضاً من المزايا: كبر حجمها، وحسن منظرها، وتقريح لونها، ولين ملمسها، وفي أكلها من الالتذاذ طيب النكهة، وجودة هضم ودباغة معدة3.
يا أهل القرآن! أنتم أهل التجارة الرابحة، وأهل وفاء الأجور وأهل الزيادة من فضله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 29-30]، فلا تستبدل تجارة الربح بتجارة الخسران.
يا أهل القرآن! حزتم خيرية هذه الأمة وشرفها، وتقدمتم المراتب العليا، بينما تأخر غيركم، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن، وعلمه))4.
فلا ترجعوا إلى الوراء، وتنزلوا من العلياء، وتكونوا أغبياء، ممن يرتضون الدون دون السماء، وممن حكى الله قصته في القرآن فقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئاً للإسلام غيَّره إلى ما شاء، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك))، قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك الرامي، أم المرمي؟ قال: ((بل الرامي))5.
فالحذر الحذر يا صاحب القرآن أن تكون ممن أهان نفسه بعد الكرامة، وذل نفسه بعد العزة، وأسقط نفسه بعد الرفعة.
الحمد لله رب العالمين، حمداً حمداً، وأشكره على نعمه سراً وجهراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن من أعظم ما يشرف الله تعالى به أحداً من خلقه أن يحليه حلة القرآن الكريم، وأن يهديه إلى حفظه، ويجعله ممن يحقق الله بهم حفظ هذا الكتاب العظيم، وهو القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: 9]. فكما أنه وعد بحفظه عز وجل، فقد كان حافظ القرآن من وسائل الحفظ، فيكون محفوظاً بحفظ الله تعالى لما في صدره من القرآن.
اعلم -يا حافظ القرآن- أنك ممن حملت العلم في جنبات صدرك وكنت من أهل العلم الذين قال الله عنهم: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}[العنكبوت: 49]. فقد شهد الله لك أنك من أهل العلم، فاحفظه، وحافظ عليه تكن من أهل حفظه ومن أهل الله وخاصته، كما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى أهلين من الناس)) قيل: يا رسول الله: ومن هم؟ قال: ((أهل القرآن، أهل الله وخاصته))1.
يا حافظ القرآن! غمرت قلبك بكتاب الله تعالى، واستقيت من ينابيعه الصافية، وارتويت من فراته النقي، وشبعت من ثماره اليانعة، فلا تستبدل ينابيعه الصافية بينابيع كَدِرَة، ولا بثماره الطيبة ثماراً حنظلية.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر!))2.
قال الشيخ المنجد -حفظه الله-: قوله ((طعمها طيب، وريحها طيب))، خص صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالرائحة؛ لأن الطعم أثبت وأدوم من الرائحة، والحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع بين طيب الطعم والريح: أنه يتداوى بقشرها، ويستخرج من حبها دهن له منافع، وقيل: إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج، فناسب أن يُمثل به القرآن الذي لا تقربه الشياطين، وغلاف حبِّه أبيض، فيناسب قلب المؤمن، وفيها أيضاً من المزايا: كبر حجمها، وحسن منظرها، وتقريح لونها، ولين ملمسها، وفي أكلها من الالتذاذ طيب النكهة، وجودة هضم ودباغة معدة3.
يا أهل القرآن! أنتم أهل التجارة الرابحة، وأهل وفاء الأجور وأهل الزيادة من فضله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: 29-30]، فلا تستبدل تجارة الربح بتجارة الخسران.
يا أهل القرآن! حزتم خيرية هذه الأمة وشرفها، وتقدمتم المراتب العليا، بينما تأخر غيركم، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن، وعلمه))4.
فلا ترجعوا إلى الوراء، وتنزلوا من العلياء، وتكونوا أغبياء، ممن يرتضون الدون دون السماء، وممن حكى الله قصته في القرآن فقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئاً للإسلام غيَّره إلى ما شاء، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك))، قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك الرامي، أم المرمي؟ قال: ((بل الرامي))5.
فالحذر الحذر يا صاحب القرآن أن تكون ممن أهان نفسه بعد الكرامة، وذل نفسه بعد العزة، وأسقط نفسه بعد الرفعة.