المختار
06-07-2011, 04:06 AM
الأصل فيمن نزل القرآن بلغتهم قريش وقدسلف لنا في مبحث اللغة كلام في معنى الاصلاح الذي خلصت به لغتهم الى التهذيب وكيف واروا بينهم في لغات العرب ممن كان يجتمع اليهم من الحجيج وينزل اليهم من العرب في كل موسم ومتسوقوكان طبيعي ان يكون القرآن بلغة قريش لأن رسول الله قريشي....
وهذه حكمة بالغةفي سياسة أولئك الجفاة وتألفهم وضم نشرهم فإن هذا القرآن لو لم يكن بلسان قريش ما اجتمع له العرب ألبته ولو كانت بلاغته مما يميت ويحيي ث كانوا لا يعدون عن عدهم اياه ضربا مما يعدونه من خوارق العادات كالسحر والكهانة وما إليهما وهو الذي افترته قريش لتصرف به أذهان الناس عن كلام النبي فقالوا ساحر وكاهن وشاعر ومجنون وتقولوا من أمثال ذلك....
وههنا أصل آخر وهو لو أن القرآن نزل بغير ما ألفه النبي من اللغة القرشية وما اتصل بها كان ذلك مغمزا فيه ّ لا تستقيم لهم المقارنة حينئذ بين القرآن وأساليبه وبين ما يأثرونه من كلام كلام النبي فيهوّن ذلك على قريش ثم على العرب فيجدون لكل قبيلة مذهبا من القول فيه فتنشق الكلمة ويصير الأمرمن العصبية والمشاحنة والبغضاء إلى حال حال لا يلتئم عليه أبدا...
وإنما وطأنا بهذا النبذ من القول لأن طائفة من الناس يذهبون إلى أن القرآن لو هو نزل على النبي بغير القرشية لكان ذلك وجها من العجاز تلتمس به الحجة ويستبين الظفر وهو زعم لا يقول به إلا أحد رجلين : من يدري كيف يقول أو من يقول وهو لا يبالي أنك مطلع على ما هو به من سفه وجهل.
أما اللغات التي نزل بها القرآن غير لغة قريش فهي لغة بني سعد بن بكر الذين كان النبي مسترضعا فيهموهي احدى لغات العجز من هوازن ثم سائر هذه اللغات وهي جشم بن بكرونصر بن معاوية وثقيف وتلك هي أفصح لغات العرب جملة ثم خزاعة وهذيل وكنانة وأسد وضبة وكان على قرابة من مكة يكثرون التردد إليهاومن بعدهم قيس وألفافها وسط الجزيرة...
قال بعض العلماء : وفي القرآن بعض من لغات أخرى كقوله : ( لا يلتكم أعمالكم) أي لا ينقصكم بلفة بني عبسونقل الواسطي في كتابه الذي وضعه في القراءات العشر أن في القرآن من أربعين لغة عربية....
ولا سبيل إلى تحقيق ذلك لدروس هذه اللغات وتداخلها وتقطع أسباب المقارنة بينها وبين لغة قريش التي مضوا على استعمالها بعد القرآن وأطبقوا عليها..
وقد أحصى علماء اللغة ما ورد في ألفاظ القرآن الكريم على أحد تلك الوجوه ومن قرآ بها كلها أو بعضها من الأئمة وهي عناية ليس أوفى منها لكنهم _عفا الله عنهم_ أسقطوا في كتبهم ما يتعلق بالنسبة التاريخية في اللغات نفسها لكن القول لا يزال يشره فيسيل به لعاب القلم كلما توهم لذة الفائدة وطعمها....
المصدر : كتاب اعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي
وهذه حكمة بالغةفي سياسة أولئك الجفاة وتألفهم وضم نشرهم فإن هذا القرآن لو لم يكن بلسان قريش ما اجتمع له العرب ألبته ولو كانت بلاغته مما يميت ويحيي ث كانوا لا يعدون عن عدهم اياه ضربا مما يعدونه من خوارق العادات كالسحر والكهانة وما إليهما وهو الذي افترته قريش لتصرف به أذهان الناس عن كلام النبي فقالوا ساحر وكاهن وشاعر ومجنون وتقولوا من أمثال ذلك....
وههنا أصل آخر وهو لو أن القرآن نزل بغير ما ألفه النبي من اللغة القرشية وما اتصل بها كان ذلك مغمزا فيه ّ لا تستقيم لهم المقارنة حينئذ بين القرآن وأساليبه وبين ما يأثرونه من كلام كلام النبي فيهوّن ذلك على قريش ثم على العرب فيجدون لكل قبيلة مذهبا من القول فيه فتنشق الكلمة ويصير الأمرمن العصبية والمشاحنة والبغضاء إلى حال حال لا يلتئم عليه أبدا...
وإنما وطأنا بهذا النبذ من القول لأن طائفة من الناس يذهبون إلى أن القرآن لو هو نزل على النبي بغير القرشية لكان ذلك وجها من العجاز تلتمس به الحجة ويستبين الظفر وهو زعم لا يقول به إلا أحد رجلين : من يدري كيف يقول أو من يقول وهو لا يبالي أنك مطلع على ما هو به من سفه وجهل.
أما اللغات التي نزل بها القرآن غير لغة قريش فهي لغة بني سعد بن بكر الذين كان النبي مسترضعا فيهموهي احدى لغات العجز من هوازن ثم سائر هذه اللغات وهي جشم بن بكرونصر بن معاوية وثقيف وتلك هي أفصح لغات العرب جملة ثم خزاعة وهذيل وكنانة وأسد وضبة وكان على قرابة من مكة يكثرون التردد إليهاومن بعدهم قيس وألفافها وسط الجزيرة...
قال بعض العلماء : وفي القرآن بعض من لغات أخرى كقوله : ( لا يلتكم أعمالكم) أي لا ينقصكم بلفة بني عبسونقل الواسطي في كتابه الذي وضعه في القراءات العشر أن في القرآن من أربعين لغة عربية....
ولا سبيل إلى تحقيق ذلك لدروس هذه اللغات وتداخلها وتقطع أسباب المقارنة بينها وبين لغة قريش التي مضوا على استعمالها بعد القرآن وأطبقوا عليها..
وقد أحصى علماء اللغة ما ورد في ألفاظ القرآن الكريم على أحد تلك الوجوه ومن قرآ بها كلها أو بعضها من الأئمة وهي عناية ليس أوفى منها لكنهم _عفا الله عنهم_ أسقطوا في كتبهم ما يتعلق بالنسبة التاريخية في اللغات نفسها لكن القول لا يزال يشره فيسيل به لعاب القلم كلما توهم لذة الفائدة وطعمها....
المصدر : كتاب اعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي