المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قف واعتبر والله وتالله لا تضمن أن تراها غدا


المختار
17-02-2011, 02:23 AM
الموت
إن الموت حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حي فلا يملك لها رداً، وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء، قال تعالى:( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )[العنكبوت:57]، إنها نهاية الحياة واحدة فالجميع سيموت لكن المصير بعد ذلك يختلف، ( ........ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ[الشورى:7]، وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، وكفى به من نذير، { كفى بالموت واعظاً } والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأمنيات.
ولكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، والعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه وكيف يطيب عيشه! وكيف لا يستعد له! إن المنهمك في الدنيا، المكب على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت، وإذا ذُكّر به كرهه ونفر منه، ومن لم يتذكر الموت اليوم ويستعد له فاجأه في غده وهو في غفلة من أمره وفي شغل عنه.
قال مالك بن ينار: ( لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً ). وما خاف مؤمن اليوم إلا أمن غداً بحسن اتعاظه وصلاح عمله، ولكن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد يضيع عمره في غير ما خلق له، ثم إذا فاجأه الموت صرخ(.... رَبِّ ارْجِعُونِ ) [المؤمنون:99] ولماذا ترجع وتعود( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ...........)[المؤمنون:100] وأين أنت عن هذا اليوم أيها الغافل؟ ألا تعمل وأنت في سعة من أمركوصحة في بدنك، ولم يدن منك ملك الموت بعد.
إن ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غداً، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع عنه غداً ويُترك وحيداً فريداً في قبره مرتهناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.


وحيــداً فـريـداً فـي التـراب وإنمـا



قرين الفتى في القبر ما كانيعمل


ولكن ما أقل من اتعظ وما أنذر من اجتهد، إن كان من قصر أمله، وجعل الموت أمام ناظريه عمل بلا شك للآخرة واستفاد من كل لحظة من لحظات عمره في طاعة ربه وتحسر على كل وقت أضاعه بدون عمل صالح يقربه إلى الله، وهو لما قدم من عمل فرح مسرور بالانتقال إلى الدار الآخرة وهذا هو المغبوط حقاً.
قال لقمان لابنه: ( يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك ).
وقال بعض السلف: اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، وحقيق بأن يطول فكره ويعظم له استعداده، كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته، والصراط ودقته والحساب وشدته، أهوال وأهوال لا يعلم عظمها إلا بالله .


للمـوت فاعمـل بجـد أيهـا الرجــل



واعـلم بأنــك مـن دنيــاك مـرتـحـل



إلـى متى أنت فـي لهـو وفي لعب



تمسي وتصبح في اللذات مشتغل



اعمل لنفسك يا مسكيـن في مهـل



مــا دام ينفعـك التـذكـار والعـمـل



القبر
القبر هو أول منازل الآخرة فكيف بنا أهملنا بنيانه وقوضنا أركانه وليس بيننا وبين الانتقال إليه إلا أن يقال: فلان مات. قال : { ما رأيت منظراً إلاوالقبر أفظع منه} حسنه الالبانى وقال عليه الصلاة والسلام: { إن القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه ، فما بعده أيسر منه ، و إن لم ينج منه ، فما بعده أشد منه}أسناده حسن الألباني.


فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون



القبر أول ليلة بالله قل لي فيهما يكـون


نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر والله سوف تعطيك حقيقة هذه الدنيا فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة.


تالله لو عاش الفتى في عمره



ألفاً من الأعـوام مالك أمـره



متـلـذذاً فيهـا بكـل نـعيـم



متنعماً فيهـا بنعمـى عصـره



ما كان ذلك كله في أن يفي



بمبيت أول ليلـة فـي قبـره


أخي الحبيب:
انظر لحال الموتى وتأمل حالهم ومآلهم فوالله إنه سيأتيك يوم مثل يومهم وسيمر عليك ما مرّ بهم، ألا فاعتبر واستعد، ولا تغفل ولا تنسى مصيرك ومآلك، فهل تصورت نفسك وأنت مكان هذا المدفون، والله إنها نعمة كبيرة أن أعطاك الله العبرة من غيرك ولم يعط غيرك العبرة منك، فأعطاك الفرصة أن تحاسب نفسك وتستعد لذلك المصرع، فهلاّ استفدت من هذه
الفرصة ما دام في الوقت مهلة، (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ)[الصافات:61] وجاء في الحديث عن النبي أنه قال: {إذا وضعت الجنازة ، فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني قدموني ، وإن كانت غير صالحة ، قالت : يا ويلها ، أين يذهبون بها ، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعها الإنسان لصعق } [رواه البخاري]. فتخيل نفسك يا عبد الله وأنت محمول على الأعناق وعلى أي الحالتين تحب أن تكون.
وقال : { إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء ، وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع ، إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجدا ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله}حسن الألباني وهذا الكلام موجه للصحابة رضي الله عنهم فكيف بك أنت أيها الغافل اللاهي تلهو وتلعب وتغني وتعصي الله صباحاً ومساء، ولا كأن أمامك موت ولا قبر ولا حشر ولا نشر، ولا كأن أمامك هذه الأهوال العظيمة، فما أقسى والله قلبك وما أقل عقلك. فتنبه لذلك أيها المسكين إن كنت تعقل وتفهم.
وجاء في الأثر أن الإنسان إذا وضع في قبره وكان فاجراً عاصياً تقول له الأرض: والله إن كنت لمن أبغض الناس إليّ وأنت تمشي على ظهري فجئت اليوم في بطني فسترى ماذا أصنع بك من غيظي، فتخيل يا عبدالله وأنت في هذا القبر الموحش المظلم يقال لك مثل هذا الكلام فحينئذ لا ينفعك ندم ولا صياح ولا بكاء ولا أنين.
وجاء في الحديث أيضاً أن الميت إذا وضع في قبره جاءه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه فإن كان ممن مات على الذنوب والمعاصي لم يوفق للإجابة فحينئذ يضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه ويضرب بمرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لهدته
وتفتح له نافذة الى النار ويرى مقعده فيها ويأتيه من حرّها وسمومها ويبقى هو في قبره في عذاب على حسب عمله، وإن كان الميت ممن أطاع الله وعمل صالحاً فإن الله يثبته ويوفقه للإجابة ويوسع له في قبره وينور له فيه، ويرى مقعده من الجنة ويفرش له في قبره خضراً إلى يوم القيامة.
فيا عبدالله أي المقعدين تريد؟ وأيهما أهون عليك طاعة الله أم تلك الأهوال التي أمامك؟! والله إن طاعة الله أهون عليك بكثير مما أمامك فما الذي يمنعك من ذلك وماذا تنتظر!.
أخي الحبيب أختي الحبيبة:
هل تذكرت لحظة الفراق عندما تلقي آخر النظرات على هذه الدنيا وتستقبل الآخرة بما فيها من الأهوال والصعاب فإما أن تنتقل إلى سموم وحميم وتصلية جحيم فاعمل من الآن عملاً ينجيك بإذن الله مما أمامك من أهوال ما دام في الوقت مهلة وما دمت تستطيع ذلك لتخرج من هذه الدنيا مرتاحاً وفرحاً مسروراً بلقاء ربك، وبما أعده لك من النعيم المقيم.


ولدتك أمــك يا ابـن آدم باكـياً



والناس حـولك يضحكون سـروراً



فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا



فـي يوم موتك ضاحكـاً مسروراً


وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

السفير
17-02-2011, 02:50 AM
الله يحسن خاتمتنا
مشكور

المستشار
17-02-2011, 03:05 AM
الـلـهـم أحـسـن خـواتـمـنـا يـارب الـعـالـمـيـن......واجـعـل الـجـنـة مـآلـنـا مـع مـن نـحـب فـيـكـ......
أثـابـكـ الـلـهـ.....

خادم ربعه
17-02-2011, 03:28 AM
كلام عظيم من شخص مميز بارك الله فيك يالمختار والى الامام

المختار
17-02-2011, 05:39 AM
الله يحسن خاتمتنا
مشكور

مـــشــكــور عــلــى هـــذا الــمــرور الــرائــعـــ

المختار
17-02-2011, 05:43 AM
الـلـهـم أحـسـن خـواتـمـنـا يـارب الـعـالـمـيـن......واجـعـل الـجـنـة مـآلـنـا مـع مـن نـحـب فـيـكـ......
أثـابـكـ الـلـهـ.....

خـــويـــ الــمــســتــشــار مــروركــ شــرفـاً لــيــ

المختار
17-02-2011, 05:48 AM
كلام عظيم من شخص مميز بارك الله فيك يالمختار والى الامام

خـــادمــ ربــعــهــ يــســعــدنــيــ مــروركــ الــرائــعــ

فارس السلام
17-02-2011, 03:28 PM
يارب أحسن خواتمنا وأصلح أعمالنا

الكنق
17-02-2011, 04:11 PM
اللهم أحسن خواتمنا يارب العالمين.....وتجمعنافي الفردوس الاعلى من الجنة

المختار
17-02-2011, 05:45 PM
يارب أحسن خواتمنا وأصلح أعمالنا

فـــارســ الـــســلامـــ شـــكـــرا لـــمـــروركـــ عـــلـــى مـــوضـــوعــيــ وهـــذا شـــرفـــ لـــيــ ووســـامــ عـــلــى صـــدريـــ

المختار
17-02-2011, 05:48 PM
اللهم أحسن خواتمنا يارب العالمين.....وتجمعنافي الفردوس الاعلى من الجنة

يـــســـعـــدنـــيـــ مـــروركـــ الـــرائـــعــ

عابر سبيل
18-02-2011, 11:41 PM
الله يرزقنا وإياكم حسن الخاتمة

بارك الله فيك يا المختار طرحك مميز الله يجزاك الجنة

المختار
19-02-2011, 12:21 AM
الله يرزقنا وإياكم حسن الخاتمة

بارك الله فيك يا المختار طرحك مميز الله يجزاك الجنة

خـــويــــ عـــابـــر ســـبـــيـــلـــ شـــكـــرا لــمــروركــ عــلــى مــوضــوعــيــ وهــذا شــرفـــ لــيـــ ووســامــ عــلــى صـــدريــ