المصلحة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن المتتبع لكثير من قضايا الدعوة ومشكلاتها؛ يلاحظ أن الحلول عند أصحابها غالباً ما تكون مبنية على المصلحة… "المصلحة العامة"، "مصلحة الدعوة"، "مصلحة المسلمين"، "جلب المصلحة ودرء المفسدة".
وهي قواعد عامة، متفق على أن شرع الله عز وجل كله ما جاء إلا من أجلها - أعني من أجل تحقيق المصالح ودفع المفاسد -
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:
الدين مبني على المصالح في جلبها والدرء للمفاسد
لكن الشأن في وضعها في غير موضعها، واستعمالها من غير أهلها.
ذلك أن القضايا الشرعية، والمسائل الواقعة؛ إذا كان فيها نص عن الله عز وجل، أو عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، أو اتفقت الأمة على قول واحد فيها؛ كانت المصلحة الشرعية متحققة في اتباع ذلك المنقول الصحيح، وكان في تركه واتباع ما تراه النفوس معقولاً؛ اتباع للهوى، وعمل بالظن، {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}.
إن كثيراً من الناس يرى المصلحة - كل المصلحة - في راحة قصيرة، أو فسحة من الأمل قليلة، أو دنيا أو منصب أو جاه، أو رزق ميسور، كما يرى المفسدة - كل المفسدة - في فوات شيء مما سبق، أو فقدانه، {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم}.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فجميع المحرمات من الشرك والخمر والميسر والفواحش والظلم قد يحصل لصاحبه به منافع ومقاصد، لكن لما كانت مفاسدها راجحة على مصالحها؛ نهى الله ورسوله عنها، كما أن كثيرا من الأمور كالعبادات والجهاد وإنفاق الأموال قد تكون مضرة، ولما كانت مصلحته راجحة على مفسدته أمر به الشارع) [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 1/265].
إن كثيراً من القضايا اليوم؛ ترى فيها النصوص الشرعية تكاد تكون مهجورة، أو معطلة عن دلالتها الشرعية، برأي فاسد وهوى متبع.
ومن هنا؛ نعلم أهمية قيام العلماء الربانيين بما أخذ الله عليهم، {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا العلم لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.
والحمد لله رب العالمين