27-03-2011, 12:34 AM
|
المشاركة رقم: 3
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام المجالس التثقيفية |
الرتبة: |
|
الصورة الرمزية |
|
البيانات |
التسجيل: |
Nov 2010 |
العضوية: |
9 |
المشاركات: |
5,510 [+] |
بمعدل : |
1.08 يوميا |
اخر زياره : |
16-05-2024 [+] |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
20 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
السفير
المنتدى :
مجلس الوطن
رد: سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود
القسم الثاني
قصره وديوانه
يصف محمد المانع قصر الملك عبدالعزيز في الرياض، في الثلاثينات من القرن العشرين، فيقول:
كان قصر الملك أكبر بناية في الرياض. وكانت مساحته حوالي ثمانية آلاف متر مربع. وكان، كغيره من بيوت المدينة، مبنياً من اللبن والطين. وكان القصر ذا طابقين، وأربعة أجنحة، تمتد من وسطه إلى الجهات الأربع. وكان كل جناح مكوناً من غرف واسعة، وقاعات، ودرج، وباحات. وكان الجناح الشمالي أوسعها. وكان في الطابق الأرضي منه، مخازن مملوءة بالأطعمة المختلفة، خاصة الأرز والتمر، اللازمة لتموين الملك وجيشه. وكان عند نهايته مطبخ كبير، يتم فيه إعداد الطعام لمن في القصر، ولجماهير الزائرين من البدو. وكان فيه قدور، يبلغ علو كل واحدة منها بين ثمانية وعشرة أقدام، وتتسع لطبخ بعير كامل. وكان الطباخون يعدون كل يوم الوجبات التقليدية من الأرز المسلوق واللحم، لما لا يقل عن مائة ضيف بدوي. وكان هؤلاء يتناولون الطعام المقدم لهم في دكة واسعة، فوق المطبخ مباشرة.
أما الجناحان الجنوبي والشرقي من القصر، فكان فيهما مكاتب ومستلزمات الشؤون الداخلية للخاصة الملكية، وإدارة الجيش، ومساكن لخمسين أو ستين زنجياً، كانوا خدماً وحراساً للقصر. وكان في داخل القصر وخارجه دكاك عديدة من الطين، يجلس عليها طيلة النهار، جمهور غفير من رجال القبائل الزائرين وغيرهم، ممن لهم حاجة عند الملك أو ديوانه.
أما ديوانه فكان في القصر نفسه، ويقع في الطابق الأول من الجناح الشمالي، الذي كانت فيه غرفة لبلاط الملك، ومجلسه الخاص والعام، وغرفة للهيئة السياسية، ومكاتب أصغر حجماً لموظفي الديوان. وكان هناك رواق يؤدي إلى مسجد القصر، الواقع في الجناح الغربي. وكان فوقه قاعة، يصلي فيها الملك وحده.
وكان في الجناح الغربي، أيضاً، غرف الملك الخاصة وأماكن للنساء العاملات في بيته، وغالبيتهن من أفريقيا. وكان بعضهن خادمات في القصر، وبعضهن زوجات للذكور من الخدم.
وكان أعظم معالم القصر أبراجه الأربعة، التي لم يكن الغرض منها دفاعياً إلا بصورة جزئية. وكان كل واحد منها مقراً لزوجة من زوجات الملك. والواقع أن ثلاثة منها فقط كانت مشغولة في وقت واحد. أما الرابع فكان دائماً شاغراً ليكون للزوجة الجديدة، إذا ما رغب الملك أن يتزوج.
لم يكن القصر يحتوي على أكثر من التسهيلات البدائية، التي لا بد أن تكون في قصر للحكم، قبل مائتي سنة أو أكثر. فلم يكن فيه ماء جارٍ ولا مجار متقدمة، ولا كهرباء. وقد كادت إحدى وسائل الترف القليلة فيه، أن تتسبب في موت الملك، الذي أخفق كل أعدائه في القضاء عليه، فقد كان في غرف الملك الخاصة، حمام في داخله غلاية (سماور)، يُسخّن ماؤها بالفحم. ودخل الملك للاستحمام ذات يوم، ولم يخرج دخان الفحم بطريقة سليمة، فملأ المكان، فغشي جلالته، وكاد أن يموت، لولا أن أدركت خادمة سريعة التفكير، عدم وجود صوت في الحمام، فدقت جرس الإنذار فوراً".
وتروى قصة طريفة عن إدخال الكهرباء إلى القصر بالرياض، مما أورده محمد المانع أثناء وصفه القصر الملكي بالرياض، قائلاً: "ثم بدأت وسائل الراحة الحديثة تأتي تدريجياً، من الحجاز إلى الرياض. وفي سنة 1928م تقريباً أرسل مسلم من بورما مهندساً هندياً، اسمه محمد رفيق، لتشغيل مولدات الكهرباء في الحرم المكي وصيانتها. وكان رفيق مهندساً قديراً جداً، فأصبحت المولدات بإشرافه تعمل بأفضل ما يمكن من كفاءة. وقد أعجب الملك بعمله، فرأى أن الوقت قد حان ليكون في الرياض تسهيلات مماثلة. وأرسله من الحجاز سنة 1930م ليشتري مولدات وآلات جديدة، ويبعثها إلى الرياض لإنارة القصر الملكي. فاشترى ثلاث مكائن وأرسلها بالشاحنات إلى الرياض حيث وصلت إليها سليمة بأعجوبة. ثم قدم محمد رفيق وبعض مساعديه إلى الرياض، بعد ذلك بقليل. وحين عاد جلالته إلى الرياض كان القصر يموج بالعمل. إذ كان رفيق ورجاله يحومون فيه كعناكب مجنونة، يمدون شبكة الأسلاك في كل أرجائه.
ويقول المانع:
وكان رفيق لا يتكلم العربية. ولأني كنت أتكلم الأردية بطلاقة؛ فقد كان يطلب مني أحياناً أن أترجم له، في المواقف الحرجة التي كانت تنجم، خلال مده للأسلاك حول الغرف الخاصة في القصر.
وقد أفرغت حجرة واسعة، في الطابق الأرضي من القصر، ليضع فيها رفيق مولدات الكهرباء. وجاء اليوم العظيم الذي صارت فيه الكهرباء جاهزة للعمل. وكان الجميع ينتظرون اللحظة الباهرة بشوق. لكنها لم تحدث. وعندما حل الظلام أتى إليّ أحد خدام الملك، وقال إن جلالته يريد أن يراني في غرفة مكائن رفيق. فذهبت فوراً إلى هناك، ووجدت المسكين رفيق يحاول إصلاح المكائن، والملك بشخصيته العظيمة، واقف عنده ينتظر بدء إنارتها بفارغ الصبر. وقد حاول رفيق عدة مرات تشغيل المكائن، ولكنها في كل مرة تعطي ضوءاً قليلاً، ثم لا تلبث أن تحدث صوتاً مزعجاً وتنطفئ. وكانت مهمتي أن أترجم أوامر الملك لرفيق بأن يضاعف جهوده ليجعل المكائن تبدأ الإنارة، وتأكيدات رفيق المتكررة بأن كل شيء سيكون على ما يرام، في بضع دقائق.
ولم يتمكن المسكين محمد رفيق أبداً من تشغيل مكائنه. فغادر الرياض بأسرع ما يستطيع، مدعياً بأنه سيحضر قطعة غيار من جدة. ومرت بقية السنة من دون أن يعود. وحينئذ علمنا أنه أقنع الشيخ عبدالله بن سليمان وزير المالية، بأن يسمح له بالذهاب إلى مصر ليشتري ماكينة جديدة. وأخيراً عاد رفيق إلى الرياض سنة 1931م، ومعه تلك الماكينة الجديدة الغالية. ولحسن حظه استطاع من دون مشقة أن يشغل الكهرباء، وأصبح القصر يزدان بأنوارها. أما الزوار من البدو، الذين لم يروا هذه العجائب من قبل، فكانوا كثيراً ما يسألون الملك عن ماهية الكهرباء وكيف تعمل. وكان يجيبهم إجابة من لا يريد مزيداً من المناقشة بقوله: "لاشيء. مجرد ماكينة وأسلاك".
وفي الحجاز، كان السلطان عبدالعزيز يتنقل بين مكة المكرمة وجدة والطائف. وخلال السنوات الأولى من حكمه لتلك المنطقة، لم يكن له محل إقامة محدد في جدة. وكثيراً ما كان يسكن في بيت الشيخ محمد نصيف المريح ذي الطوابق الأربعة. وهو أول بيت نزله السلطان عبدالعزيز عند دخوله جدة عام 1344هـ/1926م. وكان إذا أتى الملك ليقيم في بيت الشيخ محمد، سكن هو وأسرته وخدمه في الطابق الأعلى من البيت، وترك الطوابق الثلاثة للملك. ورغم التغييرات الكبيرة التي حدثت في جدة فإن البيت، بمكتبته، لا يزال موجوداً حتى الآن.
وأحياناً كان ينزل بناية الحامية التركية القديمة المسماة (الحميدية). ثم بدأ يسكن في بيت فخم ذي طابق واحد يسمى الكندرة. وكان من البيوت المشهورة، التي بنتها أسرة السقاف، ويقع في محل فندق الكندرة كونتننتال بجدة. وكانت أسرة السقاف من الأسر الثرية، التي تملك ثروة ضخمة. وقد أُنفقت معظم هذه الثروة في إنشاء أبنية بديعة في مكة المكرمة وجدة، ووضع الملك يده على عدد منها لاستعماله الخاص، بعد أن دفع تعويضات كبيرة عنها إلى أسرة السقاف. وبذلك ضمن، كعادته، أن الأسرة لن تخسر شيئاً، من جراء تصرفه.
ولم يُبْن قصر خاص للملك عبدالعزيز في جدة، إلا في منتصف الثلاثينات من هذا القرن. ولم يبنه الملك، وإنما بناه تاجر نجدي ثري من سكان تلك المدينة، وأهداه إليه. وقد أصبح يعرف باسم (القصر الأخضر)، لأن مادة بنائه كانت خضراء إلى حد ما. وبعد ذلك شيد الملك قصر خزام بالنزلة اليمانية بجدة، وأقام به في أواخر عام 1351هـ/ربيع 1933م. أما في الطائف فقد اتخذ الملك قصراً كبيراً يسمى شبرا. وكان هذا القصر للشريف عبدالله باشا، الذي كان أميراً على مكة، قبل الشريف حسين بن علي. وكان القصر نسخة من بناية في حي شبرا بالقاهرة، خلبت لب الشريف. ويقال إنه جلب آلاف الأطنان من المرمر والمواد اللازمة لبنائه، قطعة قطعة من مصر، ليطمئن بأنه سيكون صورة مطابقة لبناية شبرا الأصلية. وفي مكة اتخذ الملك عبدالعزيز لنفسه قصوراً شيدت فيما بعد. وكان مقر الديوان العالي في أجياد بمكة، وكان يقيم بقصر بالمعابدة، ينزل فيه أيام الحج، ويقيم فيه حفلة الحج السنوية لكبار الحجاج.
1. تشكيلات ديوان الملك عبدالعزيز
كان الملك عبدالعزيز نفسه، هو الذي نظم الديوان الملكي بالطريقة المريحة التي سار عليها. وكان الديوان يتكون من شعبتين، إحداهما تهتم بالشؤون الخارجية، والثانية تعني بالأمور الداخلية. وكانت هناك وزارة خارجية منفصلة عن الديوان، ومكتملة التنظيم. وكانت شعبة الشؤون الخارجية في الديوان، مكونة من رئيس الديوان، ورئيس المترجمين، ومحرر للرسائل، وطابع على الآلة الكاتبة. وعندما توفي الملك سنة 1373هـ/ 1953م، لم تكن هذه الشعبة أكثر من ذلك. أما الشعبة التي كانت تعني بالأمور الداخلية، فلها رئيس وخمسة أو ستة كتاب. وكانوا قد وزعوا العمل بين ما هو خاص بحاضرة وسط الجزيرة العربية، وما هو خاص بالقبائل البدوية. وكان هناك، كذلك، بضع كتاب صغار، وموظف مسؤول عن دراسة العرائض المرسلة إلى الملك وتلخيصها، هو حمد المضيان.
وفي أول الأمر، لم يكن بين موظفي الديوان من يتسلم راتباً منتظماً. كان جلالته يدفع ما يراه مناسباً للعاملين معه مثلما كان يدفع لجنوده من البادية، على شكل منح، وهدايا دورية، من النقود والملابس. وعند نهاية كل سنة تُعطى هدية إضافية من النقود. إضافة إلى ذلك كان يكسو أسر موظفي الديوان الملكي على نفقته الخاصة. ولم يكن ذلك الأسلوب متبعاً في الحجاز، لأن الموظفين هناك كانوا يتسلمون رواتب منتظمة، كما كانت عليه الحال زمن حكم الأشراف. وذات يوم تقدم بعض الموظفين إلى الملك، ورجوه أن يدفع لهم رواتب منتظمة، بدلاً من الهدايا والمنح، فوافق على ذلك.
وكان من عادة الملك عبدالعزيز السنوية، أن يكسو جميع رجاله وحاشيته وموظفيه، ليلة العيد، كل حسب درجته. ولما تكاثر عدد الموظفين، اقتصر الكساء على كبارهم. وكانت هذه الكسوة تعني العباءة، والثوب، والغترة (عمامة الرأس)، والعقال. ثم أدرك الملك أن تكرار هذا النوع من الكساء، يزيد عن حاجة المكسو، فأمر بإرسال قطع من الجوخ توزع سنوياً على كبار الموظفين، وعدد ممن دونهم. ثم حوّل ذلك إلى نقد سنوي بما يساوي الكسوة أو يزيد عليها. واستمر هذا إلى آخر أيامه.
|
|
|