المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر


قناص الاسلام
03-06-2013, 08:47 PM
أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر !!!


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..

فقصة الفخر الرازي مع السحر كبيرة وطويلة والرجل قد تاب من ذلك رحمه الله ،ونص على ذلك أهل العلم وهو واضح في وصيته رحمه الله ،وما نكتبه في هذا الموضوع إنما هو رد على من يتخذ من تكفير بعض أهل العلم له قبل توبته ذريعة للطعن فيهم ومادة للتشنيع عليهم كما يفعل المدعو سعيد فودة وغيره من الطعن على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واتهامه بأنه قد كفر الرازي بغير موجب ،فأردنا أن نبين ما وقع فيه الرازي من وجوه الشرك والكفر التي استند إليها العلماء في تكفير أو تبديع الرازي رحمه الله ...
وبداية فكتاب الفخر الرازي المسمى بـ "السر الكتوم في مخاطبة النجوم " يعد من المراجع المعتمدة الجامعة لمتفرقات هذا العلم ودقائقه وتفاصيله، فهو مرجع للكثير ممن جاءوا بعده وصنفوا في هذه المسائل،كالمنذري وغيره من الإباضية ،فهم بين ناقل عن الكتاب أو مختصر له ،أو عامل بمادته ممتهن لهذه المهنة - السحر والتنجيم – والفخر الرازي رحمه الله لم يتعرض لهذا الفن اطلاع المارّ عليه أو المتعلم له عن بُعد ،أو جامع لمادته ليحذر الناس منها كما يزعم أتباعه ، بل هو من أهل هذه الصنعة بشهادة أهل هذه الصنعة أنفسهم كما سيأتي ، فكتابه الموسوم بالسر المكتوم سحرٍ صريح كما ذكر الإمام الذهبي رحمه الله لأنه يحوي مادة السحر كاملة غير منقوصة ،فالرجل قد اختار في كل باب أحسنه ، وفي كل فصل مفصله ، وفي كل مسالة أخصرها وأقواها تأثيراً ،فقد بدأ كتابه بذكر فضائل هذا العلم وعده من العلوم الفاضلة التي تذكر مآثرها وفضائلها ، ثم ذكر بعد ذلك أصوله ومقدماته وضوابطه وشرح السبل التي تمكن من الاستفادة بها، والطريقة التي بها ينجح ما يسمونه بالعمل ويؤتي أثره ،فينقل عمن سبقه ويقرره ويحققه وينقده ويضيف إليه وينقحه ،وكل ذلك يقطع بأن ما يذكره أتباعه عنه بأنه مجرد جامع للمادة محض كذب مغاير للحقيقة التي يراها كل ناظر ، أو جهل بما يحتويه الكتاب من بلايا ومصائب، فاخذوا يرددون أن كل ما فيه من الجلدة إلى الجلدة منقول لا ينسب إليه شيء منه إلا البراءة التي في المقدمة وإبطال قول الفلاسفة الذي في وسطه ! ولعلهم معذورون في ذلك فإن هول المصيبة التي ابتلوا بها عظيمة فكيف يكون مقدمهم في العلم ومجدد مذهبهم منجماً ساحراً ؟ فلا شك أن هذا الأمر يشينه ويشين مذهبه ، لذا تراهم مصرين على كل ما يخالف العقل والأصول والتحقيق في سبيل الدفاع عن شيخهم وإمامهم ...
وقد قال ابن طاوس ت 664 في كتابه : "" فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم" صـ116:
(( ومن العلماء بالنجوم من أهل الإسلام شيخ الأشعرية في علم الكلام محمد بن عمر الرازي وقد وصل إلينا من تصانيفه في علم النجوم كتاب قد اجتهد فيه، وبالغ في معانيه، وحكم لنفسه بتصنيفه أنه من المنجمين القائلين بصحة تأثيرها واستقامة تدبيرها وسماه كتاب الملخص فيما دعاه من الطلسمات والسحر والعزائم ودعوة الكواكب صنعه لخوارزم شاه ومات الرازي وهو مسودة بخطه نحو ثلاثين كراساً، يقول فيه والإنصاف أن هذا العلم مما لا يحتمل البحث فيه ومع ذلك فإن من يراعي هذه القوانين فإنه يجد أكثر الأحكام مطابقاً لما قيل، أقول أنا وقد قدمنا في أول هذا الباب أن أبا علي شيخ المعتزلة كان عالماً ذا العلم وعاملاته وهو حجة عند المعتزلة، وهذا الرازي شيخ الأشعرية فهو حجة عندهم في جواز العلم بالنجوم والعملبه به وقد قدمنا أيضاً قول الغزالي في تصديق أحكام النجوم وهو شيخ أهل الرياضة .)) ا.هـ


- والرازي رحمه الله تكلم عنه العلماء وأنكروا عليه هذا الكتاب غاية الإنكار وبعضهم استبعد نسبة الكتاب إليه لعظم ما فيه من السحر وحكاية لشرك وعبادة النجوم والكواكب على وجه يحسن هذه الأفعال ويدعو إليها ويزينها ..

- بينما مازال يتشبث بعض أتباعه ببعض العبارات التي لا يكاد يخلو منها كتاب أُلِف في السحر مثل قوله إنه يبرأ من كل ما يخالف الدين وسلم اليقين ،وإبطاله إلهية الكواكب والنجوم عند من يعتقد إلهيتها، وهذا شان الكثير من الكتب المؤلفة في هذه المسائل ، وشأن الكثير من السحرة والمنجمين ممن ينتسبون للإسلام ،تجدهم يبدأون كتبهم بالبسملة والحمد وذكر الآيات ، ويبتدرون القارئ بالقول أن الله سبحانه هو مالك الملك ومسبب الأسباب وأن كل شيء بقدره وقدرته ،وأن هذه الكواكب والأفلاك والجن والشياطين والسحر ما هي إلا أسباب لا تنفع ولا تضر،ولا تؤثر بذاتها بل كل ذلك إنما يكون بإذن الله سبحانه وتعالى .
وبعد كل هذه المقدمة يلقى ما ذكره وراء ظهره ،ويبدأ في تقرير هذه الأعمال على طريقة أصحابها ،فيقرر ما يقررونه حذو القدة بالقذة !
- والفخر الرازي رحمه الله في كتابه السر المكتوم لم يختلف عن هؤلاء في شيء بل زاد عليهم أنه يؤصل لهذه المسائل بأحكام شرعية ومخارج فلسفية كلامية !
- وخلاصة ما يراه في هذا الشأن :
أن هذه الكواكب والأفلاك لها تأثير عادي في هذا الكون ،وأنها مدبرة له " بإذن الله " ، وهذا ما قرره ملخص الكتاب صراحة بلا مواربة ،وهو عالم اشعري محقق ،ونص - كما سيأتي - على أن هذا الاعتقاد لا بأس به عنده ،وأنه لا كفر فيه ولا ضلال !

فهو لا ينكر تأثيرها ولا القوة التي اختصت بها ،ولا تدبيرها لشئون الكون وتخصيص كل فلك وروح سماوي ببعض الأعمال ،ولكنه يدعي أن هذا كله بتقدير الله !!!
فيرى أن تأثيرها في العالم السفلي إنما هو من قبيل الأسباب العادية التي يجري الله سبحانه وتعالى وقوع الأحداث " عند " حصولها لا " بها" !

ويستدل على ذلك بأحوال الشمس والقمر وتأثيرها في العالم السفلي من حصول الليل والنهار والسخونة والبرودة واختلاف فصول السنة الربعة بحسب حركتها وتأثير ذلك على ما يقرب منها من أقطار الأرض ،وما يترتب على ذلك في النبات والإنسان والحيوان ، وكذلك المد والجزر الحاصل من القمر، وتأثر النباتات بضوء القمر وما إلى ذلك مما أطال فيه النفس في تقريره، ثم يبني على ذلك أن العلم بأحوالها وطبائعها ومزاجها وحركاتها واتصالاتها وامتزاجتها وما تختص به من تدبير للعالم السفلي إنما هو من قبيل الأخذ بالأسباب العادية في تحصيل منافعها ، كما أن البَحّار عندما يرى أن الرياح قد هاجت فإنه يستدل بذلك على حصول المد الذي تسبب فيه القمر، فلا يركب البحر حينئذ .
فيقول هو كذلك فعندما نعرف أن الكوكب الفلاني مختص بكذا وكذا من شؤون الكون فإنا نطلبه منه بعد تسخيره لنا ، ونتخذ في ذلك السبل العادية المؤدية لتسخيره والتقرب منه ،والتي قررها أصحاب هذا الشأن ،كقول الأوراد المعينة والتبخير بأنواع البخور المحددة ،وتمدحه بشتى أنواع المدح والتعظيم والتضرعات والتسبيحات والسجود والصيام ... وغير ذلك كما تتضمن ضرورة تهيئة المواد العنصرية القابلة السفلية للمواد الفاعلة العلوية، فإن كل ذلك من قبيل الأسباب العادية عنده ..!!!

- وليس في دعاء هذه الكواكب ولا الاستعانة بها ولا في تعظيمها وتسبيحها والسجود لها أو تقديم القرابين أو اعتقاد تأثيرها وتدبيرها لشؤون الكون من بأس إذ لم يعتقد إلهيتها أو استقلالها بالتأثير !
فإذا كان الاعتقاد أن الله سبحانه هو المؤثر الحقيقي وأن هذه أسباب عادية يمكن أن تتخلف فهذا لا بأس به عنده !!!
فهذه هي حقيقة اعتقاد الرازي في هذه المسائل ..
وكل ما يشغب به سعيد فودة وأتباعه مما ينقلونه عن الرازي لا ينافي ذلك ،فالرجل وإن كان يبطل اعتقاد ألوهية الكواكب والأفلاك ويبطل استقلالها بالتأثير فهو لا مطلق التأثير كما سيأتي ...

- فهؤلاء المنجمون لا يهمهم من المؤثر الحقيقي ،الكوكب أم رب الكوكب، بل المهم عندهم هو حصول التأثير بأي طريق فحسب ،فهذا هو مقصودهم الأساسي وفقط ...

فلا إشكال عند الرازي وغيره أن تبطل إلهية الكواكب أو الأفلاك ، فإن تقريره أن المؤثر الحقيقي هو الله لا يتعارض مع إثبات تأثيرها بعد ذلك على أي صورة سواء كان هذا التأثير بحسب العادة الجارية ، أو بحسب القوة المودعة فيها ،وهذا ما لا يفهمه مثل سعيد فودة أو لا يريد أن يفهمه ، لذا تراه سلك طريق الدراما المأساوية فيما أخرجه أتباعه له مؤخراً !!!
فهو النهاية يعتقد تأثيرها وتدبيرها للعالم السفلي ،بل ويقرر توافق الأنبياء والحكماء على ذلك ويستدل على ذلك بالآيات والأحاديث ...
وما يهمنا في هذا الموضوع هو أمرين فقط :
الأول إثبات اعتقاد تأثير الكواكب والأفلاك عند الرازي على أي صورة .
والثاني : ما يقوم به المعتقد لهذا التأثير في سبيل تحصيل غرضه من هذه الأفلاك من أنواع الشرك والكفر وصرف العبادة لهذه الكواكب تحت مسميات مختلفة كخدمة الكواكب والعناية وغير ذلك مما لا يؤثر على كون ما يحصل منهم شركاً ينافي حقيقة التوحيد ووجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادات .

وهذان هما السببان الرئيسيان الذان كانا سبباً في تبديع الرازي وتكفيره من قِبل من قام بذلك من أهل العلم .
- وكتاب الرازي السر الكتوم من أوله إلى آخرة ينطق بذلك ويصرح !!!

أما اعتقاد تأثير الكواكب والأفلاك عن طريق اتصالاتها وامتزاجتها فليس مقتصرا على هذا الكتاب فهذا مقرر في كتبه العلمية والكلامية ..
ففي تفسيره مفاتح الغيب قرر في أكثر من موضع صحة هذا التأثير فقال في 13/18 من تفسيره :
((فإن قيل: لا شك أن للطلسمات آثارا مخصوصة، فلم لا يجوز أن يحصل الخوف منها من هذه الجهة؟
قلنا: الطلسم يرجع حاصله إلى تأثيرات الكواكب، وقد دللنا على أن قوى الكواكب على التأثيرات إنما يحصل من خلق الله تعالى فيكون الرجاء والخوف في الحقيقة ليس إلا من الله تعالى.))
وقال في 13/72
(وتأثيرات الكواكب يدل على أن كلها إنما حصلت بتخليق الفاعل المختار الحكيم.)ا.هـ
وقال في كتابه المباحث المشرقية 2/424 :
(( الفصل التاسع في الفرق بين السحر والطلسمات والنيرنجات
اعلم أن الاحوال الغريبة العجيبة الحادثة في هذا العالم اما ان تكون اسبابها تصورات نفسانية او امور جسمانية اما اذا كان حدوث تلك الغرائب من التصورات المجردة النفسانية فاما ان تكون الغرائب والعجائب اريد بها صلاح الخلق وحملهم على المنهج القويم والصراط المستقيم واما ان تكون قد اريد بها توريط النفس في مهاوى الآفات والشرور فالاول يسمى بالمعجزة والثاني يسمى بالسحر- واما اذا كان حدوث تلك الغرائب عن اسباب جسمانية فاما ان يكون حدوثها عن تمريج قوي سماوية بقوى ارضية واما ان يكون حدوثها لاجل خواص غريبة موجودة في الاجسام العنصرية فالاول هو الطلسمات والثاني هو النيرنجات))
أما في كتابه الموسوم بالسر المكتوم فنصه على ذلك لا يحتاج إلى ذكر فهو منتشر في سائر الكتاب ننتقي منها بعض المواضع ونكتفي بها خشية الإطالة فمنها ما ذكره في أو كتابه حيث أنشا فصلا كاملاً فإقامة الدلايل الإعتبارية على صحة تأثير الكواكب والفلاك في العالم السفلي وجعل ذلك عمدته في تقرير صحة ما ينسب إليها من أفعال عموماً فقال في صـ 20 :
( الفصل الأول في الدلايل الاعتبارية التي تدل على أن النجوم مؤثرة في هذا العالم ...
وهذا كما في هذه الصورة :
http://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/918_367180833369022_383179700_n.jpg
ثم أحال على هذا الموضع في صفحة 112بقوله :
(( قد عرفت أن الدلالة المذكورة في أول هذا الكتاب عن أن المبادئ القريبة بحدوث الحوادث في عالم الكون والفساد لابد وأن يكون هي الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية وقد عرفت أنها تفعل أفعالها بالإرادة ومن كان فاعلا بالإرادة كان عالما بفعله فإن هذه الكواكب عالمة بجميع ما يجري في هذا العالم ...))
وهذه صورة كلامة :
http://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-prn1/69132_367181766702262_1055108259_n.jpg
وقال في صـ 26 :
( فيثبت بهذه الإعتبارات وأمثالها أن الموجب لظهور الآثار في هذا العالم امتزاجات هذه الكواكب واتصالاتها..) كما هو موضح في هذه الصورة :
http://sphotos-f.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/247271_367182656702173_675806756_n.jpg
فمسألة اعتقاد تأثير هذه الكواكب مقررة عند الرازي في كتبه العلمية والكلامية وفي هذا الكتاب كما ترى تصريحه ولكن مع التأكيد أن هذا حاصل منه دون اعتقاد ألوهية هذه الافلاك أو القول باستقلالها بالتأثير ،وهذا كما ترى لا يمنع من اعتقاد تأثيرها على وجوه اخرى كما سبق فبطل بذلك ما يشغب به من يريد دفع هذه الحقائق !
يتبع إن شاء الله

الدمعة البريئة
05-06-2013, 01:47 AM
جزآك الله كل خير
ولآ حرمك آلآجر
على كل حرف سطرته هنآ
جل تقديري وإحترآمي لشخصك
دمت بحفظ الله

علاء الدين
10-06-2013, 03:55 PM
شكرا لك على الموضوع المميز
جزاك الله كل خير جعله الله في ميزان
حسناتك لكل كل لشكر

البوادني
16-11-2013, 06:27 AM
جزاك الله خير على الطرح المفيد

عتريس
11-11-2014, 02:36 PM
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة ، فإن جار البادية يتحول .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً .

خيال الهدلا
08-12-2014, 01:21 AM
جـــزاك الله خـيـر الجــزاء

السفير
11-12-2014, 03:37 PM
كتب الله اجرك

محب الصوم
14-01-2015, 04:23 PM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه